تنطلق العلاقات الأخوية بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة من أسس مشتركة وراسخة تؤطّرها الروابط التاريخية والثقافية والاجتماعية والتعاون الاقتصادي، وتبلورت عبر سنوات ممتدة في عمق التاريخ في كل المجالات بما فيها السياسية والاستراتيجية والاقتصادية وتعدّ نموذجًا لما ينبغي أن تكون عليه العلاقات بين الأشقاء وبما يُلبّي طموحات الشعبين الشقيقين.
وتكتسب زيارة دولة التي سيقوم بها صاحبُ السُّمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسُ دولة الإمارات العربية المتحدة بعد غدٍ الثلاثاء إلى سلطنة عُمان ولقاؤه حضرةَ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظه الله ورعاه/ أهميةً كبيرة للدفع بالعلاقات الثنائية الوثيقة خطوات أخرى ملموسة وواسعة عبر التنسيق والتكامل في كل المجالات تحقيقًا للمصالح المشتركة والمتبادلة وتعزيزًا لكل ما يُسهم في تحقيق المزيد من تقدم ورفاهية الشعبين الشقيقين في جميع المجالات دون استثناء بالإضافة إلى التباحث وتبادل وجهات النظر حول مجمل الظروف والتطورات التي تمر بها المنطقة خليجيًّا وعربيًّا وإقليميًّا ودوليًّا.
وتفرّدت هذه العلاقات منذ اللقاء الأول الذي جمع بين السُّلطان قابوس بن سعيد بن تيمور والشيخ زايد بن سلطان آل نهيان/ طيّب الله ثراهما/ بالتوافق في القضايا المصيرية المشتركة للشعبين الشقيقين في ميادين شتى، حيث شهدت تطوّرًا ملحوظًا وسطّرت مفاهيم الإخاء والتآلف على مدى السنوات الماضية.
وتتسم العلاقات بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة بالعمل المشترك لما فيه مصلحة شعبي البلدين، وقد سعت اللجنة العليا المشتركة بين البلدين التي تم تأسيسها في عام 1991 إلى تجسيد طموحات الشعبين الشقيقين ودفع وتعزيز سبُل ومجالات التعاون والتنسيق بين الدولتين في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية والثقافية والتربوية والعمل على ربط شبكات الكهرباء، والاتصالات، وتنسيق خدمات النقل البري وإجراءات الانتقال بين الدولتين عبر مختلف المنافذ الحدودية، إلى جانب تعزيز فرص ومجالات الاستثمار المشترك، بما يعود بالخير على الشعبين العُماني والإماراتي في الحاضر والمستقبل.
وقد أسهمت الجهود المشتركة بين سلطنة عُمان ودولة الإمارات العربية المتحدة في تحقيق الكثير من طموحات شعبي البلدين الشقيقين، إذ تعدّ سلطنة عُمان ودولة الإمارات أول دولتين من دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية تعتمدان البطاقة الشخصية وثيقةً لتنقل مواطنيهما بدلًا من جوازات السفر منذ عام 1993، وهو ما تم الأخذ به وتعميمه في إطار مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فضلًا عن أن دولة الإمارات العربية المتحدة تعد الشريك التجاري الأول لسلطنة عُمان وفقًا لحجم الصادرات والواردات وتجارة إعادة التصدير بين البلدين.
وتشير الإحصاءات الصادرة عن المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين في عام 2021 أكثر من 5 مليارات و8ر512 مليون ريال عُماني، مقارنة بأكثر من 5 مليارات و231 مليون ريال عُماني في عام 2020.
وأظهرت الإحصاءات أن إجمالي الاستثمارات الإماراتية بسلطنة عُمان قد بلغت في نهاية عام 2021 حوالي مليار و207 ملايين ريال عُماني في حين وصل إجمالي الاستثمارات خلال الربع الأول من عام 2022 حوالي مليار و230 مليون ريال عماني.
وتعد الشركات الإماراتية من الشركات الأكبر استثمارًا في سلطنة عُمان نظرًا لسهولة نقل البضائع وانسيابية انتقال المنتجات الوطنية وحريتها بين البلدين عبر المنافذ البرية، فيما تشكّل سلطنة عُمان واحدة من أهم الأسواق للتجارة الإماراتية، حيث تأتي في المرتبة الثالثة عربيًّا والعاشرة عالميًّا ضمن قائمة الشركاء التجاريين للإمارات وتستحوذ على 20 بالمائة من إجمالي تجارة الإمارات.
وفي المجال السياحي تستقبل المنشآت السياحية في البلدين أفواجًا عديدة من السياح من الدولتين في ظل العديد من التسهيلات المقدمة في هذا الإطار، كما أن هناك العديد من الاستثمارات السياحية المشتركة التي أسهمت في استقطاب المزيد من السياح.
ويقوم القطاع الخاص في البلدين الشقيقين بدور حيوي في التنمية الاقتصادية ويعول عليه في تحقيق توجهات التنويع الاقتصادي، وهو ما تعمل عليه سلطنة عُمان من خلال إيجاد ممكنات وعناصر قوة لتشجيع الاستثمارات المحلية والأجنبية خاصة في القطاعات الهادفة للتنويع الاقتصادي وتتمثل في الصناعات التحويلية والخدمات اللوجستية والتعدين والسياحة والثروة السمكية.
وقد وقّع البلدان ممثليْن في كلٍّ من غُرفة تجارة وصناعة عُمان وغُرفة تجارة وصناعة أبوظبي على اتفاقية في عام 1998 لتأسيس مجلس رجال الأعمال العُماني الإماراتي، بهدف تعزيز التعاون المشترك بينهما بما يحقق التطلعات والأهداف المنشودة.
ويرى القطاع الخاص أن هذه الزيارة تأتي تتويجًا للعلاقات الأخوية المميزة بين البلدين واصفًا إياها بأنها سوف تفتح آفاقًا تجارية واستثمارية جديدة له في البلدين.
وأما في الجانب الثقافي فقد دأب البلدان بشكل وثيق ومتواصل على تعزيز التعاون في هذا الحقل المهم من خلال المشاركة وإقامة الفعاليات والمناشط ومنها الأسبوع الثقافي الإماراتي في سلطنة عُمان الذي أقيم بتاريخ 11 ديسمبر 2006 بمناسبة احتفالات سلطنة عُمان بمسقط عاصمةً للثقافة العربية لعام 2006، وتضمن أربعة معارض مُتخصصة في الخط العربي والعُملات والفنون التشكيلية والكتب والإصدارات الثقافية.
وتشارك سلطنة عُمان ممثلة بوزارة الثقافة والرياضة والشباب ووزارة الإعلام في معارض الكتاب بدولة الإمارات العربية المتحدة في أبوظبي والشارقة سنويًّا، فيما تشارك المؤسسات الثقافية والإعلامية المتعددة بدولة الإمارات العربية المتحدة في معرض مسقط الدولي للكتاب بشكل سنوي.
إن العلاقات العُمانية الإماراتية قائمة على روابط تاريخية تتوارثها أجيال الشعبين الشقيقين لترسم للمستقبل ملامح مغايرة تستند في تشكّلها على ما يؤكد ديمومة التواصل في كل المجالات خاصة في ظل الرؤى والأفكار التي تنبع من مبادئ اللغة والدين والأواصر.
ويتطلع الشعبان العُماني والإماراتي بآمال كبيرة إلى أن تضع زيارة صاحبِ السُّمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيسِ دولة الإمارات العربية المتحدة لأخيه حضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المعظم /حفظه الله ورعاه/ لبناتٍ جديدةً على مسار التعاون العُماني الإماراتي في كل المجالات وتعمّق الروابط الأخوية وترفع مستوى التقدم المنشود للبلدين الشقيقين والسير نحو المستقبل بعزيمة وثبات.
0 Comments: