الجمعية الكويتية للتراث ودورها في توثيق التاريخ الاقتصادي للكويت
تسهم الجمعية الكويتية للتراث بدور فاعل في حفظ الذاكرة الوطنية وتوثيق المحطات التاريخية المفصلية التي أسهمت في تشكيل هوية الاقتصاد الكويتي عبر العصور وفي هذا الإطار، استضافت الكنيسة الإنجيلية الوطنية مؤخرًا ندوة فكرية تناولت ملامح الحياة المعيشية وأنماط العمل في الكويت قبل ظهور الثروة النفطية، مسلطة الضوء على أثر تلك المرحلة في بناء المجتمع الكويتي وتكوينه الاقتصادي والاجتماعي.
وهدفت الندوة إلى إبراز أهمية التوثيق التاريخي بوصفه ركيزة أساسية لفهم الحاضر واستشراف المستقبل، حيث تناول المتحدثون طبيعة الحياة الاقتصادية التي اعتمدت على الجهد الذاتي والعمل الجماعي، بعيدًا عن الموارد الريعية، مما أسهم في ترسيخ قيم الكفاح والصبر والتعاون بين أفراد المجتمع آنذاك.
وسلط الباحث فهد العبد الجليل الضوء على التحولات الجوهرية التي شهدتها الكويت في مراحلها المبكرة، من خلال استعراض وثائق نادرة تعكس ملامح الاقتصاد التقليدي وأوضح أن مبادئ العمل الجاد والاعتماد على الذات شكّلت الأساس الذي قامت عليه السوق المحلية، قبل أن تتغير أنماط الإنتاج مع اكتشاف النفط وبدء مرحلة جديدة من التنمية.
وأشار العبد الجليل إلى أن المجتمع الكويتي القديم اعتمد على منظومة إنتاجية متكاملة، توزعت أدوارها بين التجار وأرباب السفن والبحارة والعمال، الذين أسهموا بإمكاناتهم المحدودة في إدارة عجلة الاقتصاد، ونجحوا في بناء شبكة تجارية فعالة اعتمدت على الثقة والخبرة والمعرفة البحرية.
من جانبه، أكد رئيس الجمعية الكويتية للتراث أن الكويتيين أحسنوا استثمار موقع بلادهم الجغرافي المتميز بين الموانئ الكبرى في الخليج العربي، ليصنعوا لأنفسهم مركزًا تجاريًا عالميًا، متجاوزين محدودية الموارد الطبيعية وشح المياه وقلة الزراعة في تلك الحقبة، وهو ما يعكس قدرة المجتمع على التكيف والابتكار.
وأضاف أن ميناء الكويت القديم، المعروف محليًا باسم «الفرضة»، شكّل آنذاك حلقة وصل اقتصادية نابضة بالحياة، ربطت بين ساحل فارس والبصرة والبحرين، وأسهمت في تعزيز مرونة الاقتصاد الكويتي وقدرته على مواجهة التحديات، ليبقى هذا الإرث شاهدًا على عمق التجربة الاقتصادية الكويتية وأهمية توثيقها للأجيال القادمة.

0 Comments: