العلاقات الإماراتية الكويتية تزداد رسوخاً
تتميز العلاقات بين دولة الإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت بعمقها التاريخي، وشمول التعاون بين الدولتين المجالات كافة، والتطور المستمر لهذا التعاون، ما يجعله نموذجاً يُحتذى به فمنذ عقود، وقبل تأسيس اتحاد الإمارات عام 1971، كانت الكويت من الداعمين الأوائل للمشروع الاتحادي، وأسهمت في دعم مسيرته بشكل قوي وقد تعززت هذه العلاقات بفعل الرؤية المشتركة لإرساء الأمن والاستقرار الإقليميين، وإدراك الدولتين مبكراً أن التعاون الثنائي ليس خياراً فحسب، بل ضرورة استراتيجية في ظل التحديات الإقليمية والدولية.
وتؤدي القيادة الرشيدة في الدولتين دوراً محورياً في ترسيخ هذه العلاقات، في ظل إيمانها الثابت بضرورة تعزيز التضامن الخليجي ويولي صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، أمير الكويت، تطوير التعاون المشترك في كل المجالات، أهمية كبيرة وفي هذا الإطار، جاء انعقاد الأسبوع الإماراتي الكويتي يومي 3 و4 فبراير 2025، الذي عكس تواصل جهود تعزيز مسيرة التعاون بين الدولتين، ودفعها إلى مراحل أكثر تقدماً.
وقد هدفت فعالياته، التي شهدت مشاركة واسعة من مسؤولين ورجال أعمال ومثقفين، إلى تعزيز الشراكة الاقتصادية والثقافية، حيث تم التوقيع على اتفاقيات جديدة لزيادة التبادل التجاري والاستثماري، وإطلاق مبادرات مشتركة في قطاعات السياحة والابتكار وتُظهر الإحصائيات مدى متانة العلاقات الاقتصادية بين الإمارات والكويت، فالإمارات أحد أكبر شركاء الكويت التجاريين على المستوى العربي، حيث بلغت حصتها من تجارة الكويت مع الدول العربية نحو 46%، ومن تجارة الكويت مع دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية نحو 55%.
ويشهد التبادل التجاري بين الدولتين نمواً مطرداً، مدعوماً ببيئة استثمارية جاذبة في الدولتين، واتفاقيات تجارية تسهل حركة البضائع والخدمات، إذ بلغ نحو 12.2 مليار دولار في 2023 بزيادة نسبتها 16% مقارنةً بعام 2021 وتشير التقارير الاقتصادية إلى أن الاستثمارات الإماراتية في الكويت تغطي قطاعات متنوعة، من الطاقة إلى البنية التحتية، بلغت نحو 1.1 مليار دولار، بينما تستثمر الكويت بدورها في مشروعات إماراتية ريادية، خصوصاً في مجال التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي، بنحو 194.7 مليون دولار.
وهذا التكامل الاقتصادي بين الطرفين لم يأتِ من فراغ، بل هو نتاج تخطيط استراتيجي تعكسه الزيارات الرسمية المتبادلة، واجتماعات اللجان المشتركة التي تعمل على إزالة العقبات وتذليل التحديات لكن الاقتصاد ليس المحور الوحيد للتعاون، فالجوانب الثقافية والاجتماعية تحتل مكانة مميزة في العلاقات الثنائية وتؤكد الفعاليات المشتركة، مثل المهرجانات الفنية والمعارض التراثية، عمق الروابط الإنسانية بين الشعبين، والتي تعود إلى عقود من التمازج الثقافي والتاريخي.
كما أن حركة السياحة بين البلدين في تزايد مستمر، بفضل تسهيلات التأشيرات ووجود خطوط طيران مباشرة، ما يعزز التفاهم المتبادل ويجعل التعاون السياسي والاقتصادي أكثر متانة. وبالنظر إلى المستقبل، تبرز فرص واعدة لتعزيز الشراكة في مجالات حيوية كالاستدامة والأمن الغذائي فالإمارات، التي أطلقت استراتيجيات طموحة في مجال الطاقة النظيفة، يمكنها مشاركة خبراتها مع الكويت، التي تسعى بدورها لتنويع مزيج الطاقة لديها.
كما أن التعاون في مجال الزراعة الحديثة، عبر تقنيات مثل الزراعة العمودية وتحلية المياه، قد يسهم في تعزيز الأمن الغذائي للبلدين، خصوصاً في ظل التحديات العالمية التي تؤثر على سلاسل الإمداد. وفي مجال التكنولوجيا، يمكن للكويت الاستفادة من التجربة الإماراتية في التحول الرقمي وبناء المدن الذكية أما على الصعيد السياسي، فإن التنسيق المستمر بين الإمارات والكويت في المحافل الدولية يؤكد توافقاً في الرؤى حول القضايا الإقليمية والعالمية.
فكلتا الدولتين تدعوان إلى حل النزاعات عبر الحوار، وتعزيز التعاون الدولي لمواجهة التحديات المشتركة مثل التغير المناخي والتطرف وهذا التوافق السياسي ليس ضمانة لاستقرار المنطقة فحسب، بل إنه داعم للتعاون الاقتصادي والاجتماعي أيضاً. إن العلاقات الإماراتية الكويتية تمتلك أساساً متيناً، بُني عبر عقود من الثقة المتبادلة والعمل الدؤوب والقيادة الرشيدة في الدولتين، بإدراكها أن قوة دول مجلس التعاون تكمن في تعزيز التعاون المشترك، تعمل على تسريع وتيرة هذا التعاون وتوسيع مجالاته، لضمان مستقبل مزدهر للأجيال القادمة ولعل النموذج القائم للعلاقات بين دول المجلس، يقدم درساً للعالم بأن التضامن والرؤية المشتركة هما الطريق الأمثل لمواجهة التحديات، وبناء مجتمعات تحقق الاستقرار والازدهار.
0 Comments: