بكثيرٍ من الطموح والتوقعات ودّعت الكويت عامها المنصرم، واستقبلت عاماً جديداً، مفعماً بالأمل في اجتياز الأزمات السياسية المستحكمة في البلاد. وكان أمير البلاد الشيخ نواف الأحمد الصباح، قد مهّد لهذا التحوّل الضروري بتدشينه مصالحة وطنية مع المعارضة، طوت صفحة الخلاف السياسي، وأعادت للبلاد أقطاباً بارزين في المعارضة البرلمانية كانوا محكومين بالسجن في قضية اقتحام مجلس الأمة عام 2011.
الحياة السياسية الكويتية كانت رهينة الصراعات المتكررة بين السلطتين. ولطالما دعا أمير الكويت إلى نبذ الخلاف بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، واليوم تأمل الحكومة أن تثمر جهود المصالحة مع المعارضة البرلمانية في تمرير حزمة إصلاحات اقتصادية خلال الفصل التشريعي الحالي، وهذا رغم أن المشهد السياسي لا يخلو -في نظر المعارضة أيضاً– من رغبة الحكومة في تحييد البرلمان عن الرقابة المشددة على عملها. وللعلم، كانت الحكومة السابقة قد قدّمت استقالتها للأمير الشيخ نواف الأحمد في نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، تفادياً لخضوع رئيس الوزراء وثمانية وزراء آخرين لاستجواب في البرلمان. وتلك كانت المرة الثانية التي يقدّم فيها الشيخ صباح خالد الحمد الصباح، استقالة حكومته منذ تكليفه المرة الأولى في ديسمبر (كانون الأول) 2020، للفرار من محاسبة المجلس.
عرفت الكويت أول دستور مكتوب ومجلس شورى عام 1921، وكان الكويتيون أول شعب خليجي يشكل مجلساً تشريعياً بالانتخاب وذلك في عام 1938. كذلك عُرفت الكويت بنظامها البرلماني، وفي تجربتهم الديمقراطية يستند الكويتيون إلى الشيخ عبد الله السالم الصباح «رجل الاستقلال» الذي أرسى التجربة الديمقراطية الفتية في الكويت. وفي عهده أُقر الدستور، الذي هو أول وثيقة من نوعها في الخليج. ويطلق اسمه اليوم على قاعة مجلس الأمة، الغرفة التشريعية الأكثر سخونة وجدلاً في المنطقة.
هذا، وصدر الدستور الكويتي الحالي بعد الاستقلال، يوم 11 نوفمبر 1962، وبدأ العمل به رسمياً في 29 يناير (كانون الثاني) 1963، وتنص المادة السادسة منه على أن «نظام الحكم في الكويت ديمقراطي، السيادة فيه للأمة مصدر السلطات جميعاً».
ولكن، مع أن التجربة النيابية والتشريعية في الكويت قديمة نسبياً، فإنها بقيت على الدوام معرّضة للامتحان، ومحكومة بالتجاذب الحاد بين السلطتين، وبين الاختيار الأصعب بين الديمقراطية والاستقرار.
0 Comments: